قصص وتقارير

“الايزيديات”رغم الانتهاكات يواجهنّ بشجاعة

اعتادت الأيزيدية العراقية (س. ص) وداع طفلها زيد صباح كل يوم، لينضم إلى صفوف “الأشبال” في معسكرات تنظيم داعش الإرهابي، حيث كان يتلقى أكثر التدريبات العسكرية وحشية، رغم عدم تجاوزه لربيعه السابع آنذاك، لتصلي له سراً بقلبها الذي لا يزال أيزيدياً، وظاهرها المجبر على الإسلام.

أيزيديات من سنجار يحاربن داعش في الرقة

لا تتوقف معاناة السيدة لدى اختطافها هي وأطفالها الأربعة عام 2014 على يد مسلحي داعش، الذين نقّلوها بين أوكار التنظيم في العراق وسورية، بل امتدت لتعيش هي وصغارها على مدى عامين تحت وطأة خوف وتوتر شديدين، لا سيّما بإكراههم جميعاً على اعتناق الإسلام، وزرع التطرف والدموية في شخصية طفلها، أما بناتها الثلاث الصغيرات فقد أصبحن خادمات في بيوت مسلحي التنظيم.

في ذروة يأس (س. ص) من العثور على مخرج من كابوس اختطافها، واغتصابها بشكل متكرر، وانتهاك طفولة صغارها يومياً، ساق إليها القدر أحد المهربين الذي تمكن من تخليصها، لينتهي الأمر بها في وطنها بين يدي ابنة طائفتها سامية شنكالي، التي كرست وقتها لإغاثة الناجيات من التنظيم ومساندتهن.

لست وحدي

“مساعدة سامية لي ووقوفها إلى جانبي أعطاني شعوراً رائعاً وأشعرني بالأمان وأنني لست وحدي، لا سيّما وأن هناك من يدعمني دائماً لأكون قوية”، تقول (س. ص.) لموقع (إرفع صوتك)، بنبرة مفعمة بالثقة.

سامية شنكالي (24 عاماً)، فتاة أيزيدية لا توفر وقتاً ولا جهداً في تقديم العون لمن عانوا ويلات الحروب والإرهاب، لا سيّما بنات مجتمعها الأيزيدي، اللواتي يعتبرن من الضحايا الأبرز لتنظيم داعش الإرهابي.

اقرأ أيضاً

ناجيات أيزيديات: الله انتقم لنا من داعش

“في عام 2014، قابلت طفلة في المخيم الذي كنت فيه (في زاخو)، كان عمرها ثمان سنوات، ورغم أنها طفلة جسدها غير مكتمل (غير بالغة) إلا أنها اغتصبت من قبل داعشي عمره 40 عاماً.. تأثرت بها كثيراً”، تقول شنكالي لموقع (إرفع صوتك)، وتشير إلى أن لقائها بالطفلة المغتصبة منحها الحافز والرغبة بمتابعة عملها التطوعي وتقديم ما أمكنها من مساعدة لمن يحتاجها.

درس في ساحة مكشوفة

ضمن نشاطاتها التطوعية، كانت شنكالي تقوم بتدريس 250 طفلاً في مخيم في مدينة زاخو، وعندما لاحظت المنظمات الدولية عملها الإنساني قدموا لها وللأطفال المساعدة بمنحهم كرفانات وقرطاسية ومستلزمات دراسية، لتقي شنكالي وطلابها من حرارة الشمس في الساحة المكشوفة التي كانوا يرتادونها كغرفة صفية.

بدوره، يثمن الأيزيدي فيصل كتي، دور شنكالي وجهودها في بذل كل ما بوسعها من أجل إيصال صوت كل من يعاني للمنظمات والعالم، “رغم عدم حصولها على فائدة مادية من نشاطها، بل إنها تدفع نقوداً من جيبها أحياناً على نشاطاتها”.

وعلى مدى الأعوام الثلاثة الأخيرة، تداولت الصحافة حول العالم قصصاً لأيزيديات تمكّن من تحويل المعاناة التي تعصف بطائفتهن إلى طاقة وقوة واجهن بهما العالم، ودافعن عن قضاياهن بها بكل شراسة.

ويقول كتي “الأيزيديون رأوا أنه لن يأتِ أحد لإنقاذهم لو لم يتحركوا بأنفسهم” في إشارة الى الدور البارز الذي أخذته الأيزيديات على عاتقهن، بالدفاع عن حقوق الطائفة، وحماية مستضعفيها من الانتهاكات.

أميرة أيزيدية!

يستعرض الخبير في شؤون الطائفة الأيزيدية، صائب خدر، بعض العوامل التي عززت قوة المرأة الأيزيدية، وساهمت في تبوئها أبرز المواقع للدفاع عن حقوقها: “على مستوى التاريخ لدينا امرأة قادت الأيزيدية لعقود طويلة، هي ميان خاتون، وهي جدة الأمير تحسين بك الحالي”، يقول خدر، الذي يصف خاتون بأنها هي من أدارت دفة الأيزيدية في فترات عصيبة خلال فترة حكم الدولة العثمانية ومن ثم الحكم البريطاني، وحتى استقلال العراق في الثلاثينيات.

ويشير خدر إلى دور التعاليم الأيزيدية في تمكين المرأة ودعم دورها في المجتمع، “الجانب الديني في الأيزيدية لا يبعد المرأة عن الاحتكاك أو تبوء المراكز أو النشاطات الأخرى.. ولا يوجد فيه قمع للمرأة”.

فتوى أيزيدية

كما يشير خلال حديثه إلى دور الفتوى “البابيشية”، وهي المرجع الديني في الديانة الأيزيدية، حيث أصدرت فتوى بأن الأيزيدية العائدة من داعش مباركة ويجب دعمها. ويعتبر أن تلك الخطوة التي قام بها المرجع الديني أثرت بشكل واضح على المجتمع وتعامله مع قضية المغتصبات.

ويؤكد خدر أن المعاناة الأيزيدية التي تسبب بها داعش تم إبرازها على يد نساء الطائفة على وجه التحديد.

شخصيات بارزة

ويتطرق خلال حديثه إلى أيزيديات بارزات تميزن في نشاطات المجتمع المدني والعمل السياسي.

“صرخة النائبة فيان دخيل.. كان لها تأثير في تأجيج مشاعر الناس”، يقول خدر.

كما يشير إلى الناشطة ناديا مراد ودورها الكبير في تدويل القضية الأيزيدية وإشاعتها، وبجرأتها بخروجها إلى العالم بتعبير صريح عن معاناتها كامرأة تم اغتصابها.

وفي ختام حديثه، يقول الخبير في شؤون الطائفة الأيزيدية “رغم ما تعرضن له (الأيزيديات) من انتهاك واغتصاب واعتداء، إلا أنهن تمكن من مواجهة المجتمع رغم صعوبة بعض حالاتهن”.

م/www.irfaasawtak.com

 

زر الذهاب إلى الأعلى