غير مصنف

نارين شمو ” اسعى لايقاظ العالم كي ابلغه بمأساة المختطفيين الايزيديين وايجاد السبل لتحريرهم “

منار الزبيدي

نارين شمو، 30 عاما، ناشطة ايزيدية، ولدت في منطقة بعشيقة التابعة لمحافظة الموصل. تحصلت على بكالوريوس آداب انكليزي وعملت في المجال الصحفي كصحفية استقصائية، كما دخلت مجال حقوق الانسان كناشطة في مجال حقوق الاقليات. تبنت القضية الايزيدية وحشدت العالم للتعريف بالابادة التي تعرض لها الايزيديون على يد داعش. نجحت في مهمتها من خلال حضورها الفعال في مؤتمرات دولية عدة، فضلا عن تنفيذ حملات كبيرة للاغاثة الانسانية واعداد الافلام القصيرة للتعريف بجرائم الارهاب بحق الايزيدين. اختيرت شمو الى جانب هيرو طالباني   من ضمن النساء الاكثر الهاما  في العالم الى جانب مئة امراة، بحسب  مجلة “سولت” الأمريكية، كما تحصلت على جائزة كلارا زيكتين لعام 2015...كان لمجلة عراقيات هذا اللقاء معها.

حدثينا عن طفولتك وعن سنجار؟

والدتي من سنجار، لكنني ولدت في ناحية بعشيقة وبحزاني. قضيت سبع  سنوات من طفولتي في جنوب سنجار في مجمع سكني ثلث بيوته من الطين وكانت فترة الحصار (في التسعينات من القرن الماضي) صعبة جداً لكنها تحمل الكثير من الصور الجميلة، فالناس كانوا يتقاسمون الرغيف فيما بينهم. ولسنجار واهلها الفضل الكبير علي وعلى عائلتي، فقد تقاسموا معنا لقمتهم، وهذا ما فعلوه مع مئات العوائل التي تركت منازلها في التسعينات وتوجهت للعيش في هذا القضاء ذي التاريخ العريق والمعروف بجبله الذي كان السبب الرئيسي في بقاء الايزيديين على قيد الحياة الى اليوم، ففي كل محاولة ابادة لهم، كان الايزيديون يهربون اليه ويحتمون به. سنجار هي بالاساس المكان الرئيسي للايزيديين، لكن عبر التاريخ، انتقلت مكونات اخرى للسكن فيها، فأصبحت نسبة الايزيديين تشكل قرابة 82% من سكانها المعروفين بكرم الضيافة وحماية من يلجأ اليهم. وكذلك جبل سنجار معروف بانتاج بلتين والتبغ.

صفي لنا المراة الايزيدية، طباعها،صفاتها؟

المرأة الايزيدية هي امراة شجاعة تواجه مصيرها بقوة، مستعدة لتغيير واقعها. وهي امراة غيورة على قومها ودينها وانتمائها.

كيف بدأتِ مشوارك الصحفي؟

لم اختر ان اكون صحفية، كانت اهتماماتي تنحصر في كتابة النصوص الادبية وكذلك بعض المقالات البسيطة عن المجتمع ودور المرأة الضعيف فيه. وهذا كان في بداية 2004. لكن شجعني الكثير من الاصدقاء على النشر في الصحف، ومن ثم العمل في جريدة محلية، وبعدها في قناة تلفزية. وهكذا تنقلت بين المؤسسات الصحفية المحلية والدولية المختلفة (الجرائد، الصحف الالكترونية، القنوات التلفزية والاذاعية).

12278897_922936357788386_4759454652308600470_n

كيف دخلت مجال حقوق الانسان ولماذا؟

منذ البداية، كنت اجد نفسي مسؤولة بشكل أو بآخر على نقل معاناة المرأة والانسان عموما في العراق، ولم اكن اخشى طرح مواضيع لها صلة بحقوق الانسان كمخاطر المياه الملوثة والاتجار بالكلى وختان الاناث وارتفاع نسبة المصابين بالسرطان وضحايا المخدرات واستهداف الاقليات وهجرتها.

لكنني بدأت النشاط بشكل فعلي في مجال حقوق الانسان والاقليات، بعد الابادة التي تعرض لها اهلي في سنجار في الثالث من آب 2014، فكرست كافة جهودي في هذا المجال ولازلت اصف نفسي بالناشطة في مجال حقوق الاقليات.

من يتحمل مسؤولية ما حصل للايزيديات في سنجار؟

الكل يتحمل المسؤولية، ابتداءً من القوات الكردية البشمركة التي منعت الاهالي من مغادرة المنطقة ومن ثم انسحبت باعدادها الكبيرة دون سابق انذار، وصولا الى الحكومة العراقية التي طالما كان دورها مخجلا في الدفاع عن الايزيديين والاقليات بشكل عام ولم تقم بدورها في تحرير الايزيديات.

كيف ترين تعاطي المجتمع الدولي مع قضية الايزيديين؟

في البداية، كان ضعيفا جداً. كنت احاول اقناع العالم بمأساتنا، لكن لم يبد ان المجتمع الدولي استوعبها في بداية الامر. واحتاج ذلك الى جهود كبيرة وفترة ليست بالقصيرة لتحقيقه، مما ادى الى صعوبة تحرير المخطوفين بعد توزيعهم وارسالهم الى سورية ودول اخرى. لكن اليوم، أصبح موقف المجتمع الدولي واضحا وبعض الدول بدأت تستعد لمساعدة الايزيديين بشكل اساسي. وكذلك اعترفت رسمياً بأن ما تعرض له الايزيديون هو ابادة جماعية تستهدف وجودهم.

ماذا قدمت  للايزيدين وكيف ناصرت القضية؟

لا استطيع ان اقول انني قدمت شيئا، لأن كل ما افعله هو واجبي الانساني تجاه قضية قومي الايزيديين. حاولت منذ اليوم الاول للمأساة، ايصال صوت النازحين في الخيم والمختطفات لدى داعش وكل مظلوم ايزيدي لا يستطيع ان يعبر عن مأساته بحرية. وكوني صحفية، فإن العلاقات الدولية والمحلية ساعدتني كثيرا عى ايصال قضيتي عالمياً والتعبير عن المأساة الانسانية للايزيدين في المحافل الدولية.

لماذا برايك اختار داعش المكون الايزيدي تحديدا لابادته؟

الامر ليس متعلقاً بداعش، ففي التاريخ الايزيدي، كان هناك الكثير من المحاولات لقتل الايزيديين وابادتهم، وما حصل في الثالث من اب 2014 كانت المرة الرابعة والسبعين. ربما كوننا نؤمن بدين لا يملك كتابا، بالاضافة إلى وصفنا من قبل الكتاب العرب المتطرفين بالقوم غير المؤمنين بالله، أدى ذلك الى ملاحقتنا واستهدافنا. لكن هذا لا يبرر بشاعة ما نتعرض له، لأن المقربين منا يعرفون ايماننا بالخالق واعتقادنا بوحدانية الله، وبمجرد ان نترجم اسم “خودا” (المستعمل عندنا) سنجد ان معناها الله، الخالق.

المؤسف أن بعض جيراننا من العرب السنة والتركمان السنة والكرد السنة شاركوا داعش في قتل الايزيديين وتدمير مناطقنا وبيع واغتصاب بناتنا.

كيف ترين تعاطي الحكومة العراقية مع جريمة سنجار؟

تعامل مخجل، لا اجد انها تعترف بمسؤولية حماية هذا المكون او تحرير اراضيه او تحرير بناته وكأن الايزيديين ليسوا مكونا اصليا واساسياً من هذا البلد.

ما رايك بدور الاعلام؟

الاعلام الدولي يلقي الضوء بشكل ملفت للنظر على قضيتنا ويتداولها بجدية كبيرة، أما الاعلام العراقي، فللأسف الشديد يتعامل مع مأساتنا على انها خبر يمكن تلخيصه في تقرير، في حين كان يفترض التعامل معها كأزمة مستمرة ويجب تغطيتها بشكل جدي ويومي.

هل حصلت الايزيديات الناجيات على حقوقهن في الرعاية والصحة والعيش الكريم؟

بتاتاً, فالناجيات وأطفالهن يعيشون كنازحين يفتقرون الى أي رعاية خاصة تتلائم مع ظروفهم النفسية والصحية. هناك احاطة بسيطة من قبل المنظمات، لكن هذا لا يكفي على الاطلاق.

ما رأيك  بنادية مراد هل استطاعت ان توصل صوت المراة الايزيدية للعالم؟

يشرفني انني كنت معها في اول خطوة لها، حيث رافقتني في المنتدى العالمي لحقوق الاقليات في مقر الأمم المتحدة في جنيف (تشرين الثاني 2014) واعطت شهادتها كناجية ايزيدية امام جميع ممثلي الدول والنشطاء من كافة الاقليات حول العالم، وحينها علمت انها البداية وأخبرتها ان القادم يحمل مسؤوليات اكبر، وهي شجاعة بشكل يمكنها من التعبير عن قضية مثيلاتها من المخطوفات.

نادية مراد مثال حي للمراة الايزيدية ونحن كقوم ايزيديين فخورون بها وبكل ناجية ايزيدية وهي مدعومة من كافة شرائح المجتمع الايزيدي. واختيارها كسفيرة للنوايا الحسنة لدى الامم المتحدة، يمثل نقلة نوعية في تاريخ المراة الايزيدية وبداية تحمل أملا كبيرا إلى الايزيديين جميعاً.

unnamed

حدثينا عن فكرة استخدامك الفيلم الوثائقي “سبايا الخلافة” خلال منتدى دبي للاعلام في ايار 2015؟

طرح علي منظموا المنتدى عرض مقتطفات منه قبل القاء كلمتي وانا رحبت بالفكرة، فالفيلم أنتجته محطة ب.ب.س العربية وعرضته في يناير 2015، في فترة كان العالم يعرف بوجود المختطفات الإيزيديات، لكن لم يعرف بشاعة داعش وأفعاله المشينة باسم الإسلام، وكان مهماً بالنسبة لي عرض الفيلم في وقت أوشك العالم على نسيان آلاف المختطفات وهن يجبرن على تغيير دينهن، ويُبعن ويقدمن كهدايا، ويُدرب الأطفال على الإرهاب، في حين تنتظر مئات العائلات عودتهم. ما لمسته من الإعلام العربي والعالمي من اهتمام بقضية المخطوفات، جعلني أشعر بأن رسالتي فعلاً وصلت، كما أن المنظمات الدولية أيضاً بدأت أكثر اهتماماً بتوثيق الواقع الإيزيدي. كان من المهم تحريك القضية مجدداً وكسب تعاطف المشاهدين من انتماءات وجنسيات مختلفة، فتواصل الناس معي وسؤال البعض عن حال من ظهروا بالفيلم ومبادرتهم لمساعدة الضحايا، أعطاني دافعاً أكبر للاستمرار.

 مارايك فيلم “العاصفة السوداء” الذي اخرجه المخرج الكردي حسين حسن والذي يتناول قضية المختطفات؟

أعتبر أن هذا الفيلم لا يمس للواقع بشيء، ابتداءًا من صورة القوات العسكرية الكردية البشمركة التي تقاتل لاجل الايزيديين في يوم الثالث من اب 2014 ورفض العائلة الايزيدية تزويج ابنهم من فتاة خطفت واعتُدي عليها، وصولا الى عرض صور تُظهر المجتمع الايزيدي وهو يستهين بالناجيات، الى جانب ارتداء الرجال الايزيديين الزي الكردي المختلف عن زي سنجار التقليدي، واخيرا ظهور رجل بشماخ شيعي من اهل الجنوب يروج لبيع فتاة ايزيدية، مما يتنافى تماما مع الواقع، حيث عبر الاخوة الشيعة في اكثر من مناسبة عن تضامنهم الكلي مع قضيتنا.  ارى ان المخرج قام بتأويل الاحداث بفكر شرقي اسلاموي رجعي ولصالح جهات معينة، كونه انتج الفيلم بدعم من وزارة الثقافة في اقليم كردستان العراق. لذ ادعو الهيئات والجهات الرسمية الى التحرك سريعا وايقاف عرض الفيلم في المحافل الدولية وتغريم كافة العاملين فيه بغرامات مالية، تُمنح بعد ذلك الى الناجيات، كما اؤكد ان عرض فيلم كهذا سيكون له اثار وخيمة على القضية الايزيدية.

الى ماذا تسعى نارين شمو ؟

اهم ما اسعى اليه هو ايقاظ العالم وابلاغ العالم على مأساة المخطوفين الايزيديين في اوكار داعش وايجاد سبل لتحريرهم, وكذلك ايصال القضية الايزيدية بشتى تفاصيلها الى المجتمع الدولي ومحاولة الحصول على الدعم والمناصرة لقومي , قضيتي هي مهمتي الرئيسية في الحياة حالياً يصعب علي التخلي عنها, لم اقرر ان اسير في هذا الطريق الذي وجدت نفسي اسير فيه بين ليلة وضحاها دون وعي وادراك مني, لهذا ليس من السهل الخروج منه لأن المأساة مستمرة.

تؤكد نارين شمو ” سابقى مستمرة بتوصيل الصوت الايزيدي بشفافية تامة الى المجتمع الدولي” 

29920161316670_%d9%86%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d9%86%d8%b4%d9%85%d9%8867

– See more at: http://iraqiyat.org/full-detail.aspx?id=4450&LinkID=20#1

زر الذهاب إلى الأعلى