تعليم

لنتعلم منهنَّ بولينا حسون و حمدية الخفاجي

تاريخ الصحافة النسائية في العراق

 للكاتبة /عذراء عدنان
كانت الصحافة لها دور كبير في رقي المجتمعات وكان من ضروريات التطور الحضاري هو مهنة الصحافة لما لها الدور الفعال في ايصال المعلومات والاخبار والتعبير عن الاراء والحرية وما قاسته هذه المهنة الشريفة من صعوبات بالنسبة للرجال قبل النساء فما بالكم بالنسبة للنساء في العالم الغربي قبل الشرقي وما قاسته هذه المهنة من تعصب ديني ومجتمعي.

الصحافة النسوية في العالم ظهرت لاول مرة في بداية القرن التاسع عشر في اوربا وبعدها بفترة ليست بعيدة ظهرت الصحافة النسوية العربية لاول مرة في مصر عام 1892 كانت بداية نشأتها تعبيرا عن آمال المرأة ومساعيها للمطالبة بحقوقها التي هضمتها بعض التقاليد الاجتماعية التي كانت بعيدة عن الشريعة الاسلامية .
وقد حملت الصحافة النسوية في نشأتها الاولى هموم المرأة ومعاناتها فكانت ذات هدف ورسالة ترى ضرورة تحقيقها لانقاذ المرأة من الواقع المتردي في تلك الفترة والذي خلقته التقاليد الجامدة والاستعمار الغربي .
ومن ثم كانت الصحافة النسوية في تلك الفترة تحمل مشروعا للنهوض بالمرأة الشرقية وترقيتها ,وان كانت هناك رؤى مختلفة حول هذا المشروع سواء العودة الى تعاليم الاسلام باعتبارها القادرة على النهوض بالمرأة وحقوقها مرة اخرى او المشروع التغريبي الذي راى ضرورة محاكاة المرأة الشرقية للمرأة الغربية .
كانت مصر هي نقطة انطلاق الصحافة النسوية نظرا لانها كانت الساحة الرئيسية التي تتصارع عليها مشاريع النهضة في المشرق العربي.
ولان مصر شهدت نهضة صحفية لم تعرفها البلاد العربية من قبل وهي حديثة العهد بالصحافة وصناعة الاقلام ولما كان اغلب اصحاب الصحافة وحملة الاقلام بها من الشاميين كان من الطبيعي ان تسعى نسائهم لانشاء صحف تعالج قضايا المرأة .
فقد انشأت هند نوفل وهي فتاة لبنانية اول مجلة نسوية في الاسكندرية في مصر تدعى مجلة الفتاة .
وكان الظهور الاخر للصحافة النسوية العربية في لبنان حيث صدرت مطبوعة عربية متخصصة في شؤون المرأة واصدرت مجلة تحت عنوان الحسناء .
وتوالت الاصدارات الصحفية النسائية التي تعنى بشؤون المرأة في العالم العربي وكانت المحطة الثالثة في سورية عندما صدرت عام 1910 مجلة العروس التي تولى اصدارها ماري عبده .
اما المحطة الرابعة للصحافة النسائية كان من نصيب بلاد وادي الرافدين حيث في عام 1923 صدرت اول مجلة نسائية عراقية هي مجلة ليلى وذلك في العهد الملكي والتي تعتبر تعزيزا لنهضة المرأة العراقية الادبية وهي مجلة كانت تبحث في كل مفيد وجديد وما يتعلق بامور العلم والفن والادب والاجتماع ولاسيما تهذيب الفتاة وتربية الاولاد وصحة الاسرة وسائر ما يختص بتدبير المنزل وكان اصدار المجلة شهريا .
كانت رئيسة تحرير المجلة الصحفية العراقية بولينا حسون والتي سنتكلم عنها اليوم من ضمن فقرة اعلام من بلادي .
بولينا حسون روفائيل صحفية عراقية الاصل من عائلة حسون العريقة في الموصل وهي ابنة عم الاستاذ الاديب سليم حسون صاحب جريدة (العالم العربي) وهو صحفي عراقي بارز من الموصل وخالها كان الشيخ ابراهيم الحوراني .
ولدت بولينا حسون حسب المصادر في عام 1895 وانتقلت وهي في مقتبل حياتها بين مصر وفلسطين والاردن الى ان عادت الى العراق عام 1922 كانت تبلغ حينها سبعة وعشرون عاما وكانت بولينا عراقية الاب شامية الام .
كانت لبولينا حسون اهتمامات صحفية وادبية بارزة فاصدرت مجلة ليلى وهي اول مجلة نسوية عراقية وذلك في الخامس من تشرين الاول عام 1923 حيث كانت رئيسة التحرير .
كما انها ساهمت في تأسيس اول نادي نسائي في العراق بأسم (نادي النهضة النسائية) سنة 1923.
كان اصدار المجلة شهريا وتشرف عليها بولينا بنفسها ويسجل اصدار بولينا لمجلة ليلى بدايات الصحافة النسائية في العراق ويعزى اليها الفضل لكونها مثلت احد العوامل المهمة في ظهور الحركة النسائية العربية .
نشرت المجلة تحت شعار (على طريق نهضة المرأة العراقية) واوردت اخبارا عن الثقافة والتعليم وشؤون الاسرة كما قادت حملة من اجل تحرير المرأة واشتملت افتتاحيتها على مقالات مثل (بوتقة الحق)و(اخبار الضرائب)و(ركن ربات البيوت) والاخبار الغريبة وحلقات من اوتار سحرية وسواها.
ومن اهم مقالاتها التي نشرتها المجلة افتتاحية العدد 6 الصادر في 15 ايار 1924 والموجهة الى الجمعية التأسيسية في العراق تطالبها بمنح المرأة حقوقها .
نشرت 20 عددا فقط من مجلة ليلى وقد تضمنت في عددها الاخير بتاريخ 15 اب 1925 مقالة حزينة شرحت للقراء الوضع المالي الصعب للمجلة وبعد ذلك بوقت قصير غادرت صاحبة المجلة بولينا حسون العراق وتوقفت المجلة عن الصدور.
تعتبر بولينا حسون من قبل مؤرخي الصحافة العراقية من رائدات الصحافة النسوية في العراق وقد جاء في كتاب (اعلام الصحافة في الوطن العربي ) وفي المبحث الخاص الذي كتبه عن صحافة العراق الاستاذة الدكتور قيس عبد الحسين الياسري والدكتور خالد حبيب الراوي والدكتور هاشم حمادي والاستاذ سجاد الغازي ان بولينا حسون عملت في الصحافة في ظروف بالغة الصعوبة فلقد احتد الصراع بين دعاة السفور ودعاة الحجاب وكان المحافظون هم الاغلبية في المجتمع والمجددون الاقلية .
وبسبب هذه الصراعات قررت بولينا الانسحاب من العمل الصحفي وحزمت امتعتها وغادرت بولينا حسون العراق واتجهت الى الاردن في شهر كانون الاول من عام 1925 وتوفيت في عام 1969 وبذلك طويت صفحة بولينا حسون روفائيل .
لتبدات صفحة اخرى من مسيرة نهوض المرأة العراقية على يد حمدية الخفاجي باصدارها مجلة اسبوعية هي مجلة المرأة الحديثة عام 1936 واستمر النهوض واستمرت المجلات النسائية العراقية بالظهور واستمرت المطالبة لحقوق المرأة حتى يومنا هذا ولن تنجح الصحافة دون وجود صحافة نسوية .
وان من الاهمية وجود صحافة نسائية راقية فكرا وطرحا وخطابا تسلط الضوء على انجازات المرأة العراقية في مجالات الادب والفن والعلوم وتسجل حضورها على كافة المستويات برغم الظروف الصعبة التي يمر بها عراقنا العظيم.
فليرحم الله مبدعين العراق السابقين والحاليين ولنرتقي بعراقنا العظيم بنسائنا واطفالنا ونكون قدوة لهم لان المرأة نصف المجتمع وتربية الاطفال من اولوياتها فهي المدرسة الاولى في حياة كل مواطن عراقي ولننظر نظرة اعجاب وتقدير للمرأة لما لها دور مهم في مجتمعنا الجديد وذلك بوقوفها بجانب الرجل في كل مجالات الحياة.

م/http://iraqonana.com

زر الذهاب إلى الأعلى