قصص وتقارير

عراقيات يواجهن الفقر بالعمل

الصورة/اسامة المشرفاوي

المنار/ خلود العامري

تمضي نسرين محمد (41 سنة) قرابة 4 ساعات يومياً في صنع المعجّنات. وبعد الانتهاء من العمل، تغلّف إنتاجها من المعمول والكعك في أوانٍ بلاستيكية، وتغطيها بغشاء بلاستيكي أيضاً، قبل أن تعهد إلى ابنها حسام ليوزّعها على المحلات القريبة من المنزل الذي تقطنه في مدينة الحرية ببغداد.

تكسب المرأة الأرملة شهرياً مبلغاً لا بأس به يغطّي تكاليف إيجار المنزل الذي تقطنه مع أطفالها الخمسة، والذين فقدوا والدهم مبكراً في أحد التفجيرات قبل ثلاثة أعوام، كما يغطي أقساط مدرستهم، وتتدبّر بالباقي أمور المعيشة اليومية.

تقول نسرين: «حين توفّي زوجي أصبحت فجأة مسؤولة عن إعالة الأولاد، وبدلاً من أن تكون مهمتي توزيع الواردات التي يحصل عليها والدهم بين مصاريف البيت والأطفال وباقي متطّلبات الحياة، أصبح من واجبي أن أعيل أطفالي وأن أعمل. فبادرت إلى صنع المعجنات في العيد وبيعها للجيران بسعر مناسب. كان ذلك بعد ثلاثة أشهر من الحادثة، فشجعني إقبال الناس على التفكير جدياً بتوسيع مشروعي». وتضيف: «يملك شقيقي دكاناً في المنطقة التي أقطنها. وعلّمني كيفية ترتيب المعجنات في أوانٍ وتغليفها لتكون مرغوبة من المشترين. وبعد شهرين، طلب سوبرماركت صغير يديره أحد أصدقائه أن أزوّده بكمية من المعجنات لعرضها، وبعد أسبوع أخبروني أنها نفدت طالبين مني مضاعفة الكمية المعدّة. وهكذا بدأ عملي يتوسّع فاشتريت فرناً آخر لأتمكن من تلبية تلك الطلبيات».

وليست نسرين وحدها من فكرت بإنشاء مشروع صغير تديره من المنزل. فهناك مئات المشاريع الصغيرة لسيدات انتشرت أخيراً في بغداد ومدن عراقية أخرى، بعضها أُسس بجهود ذاتية وأخرى بدعم من العائلة وثالثة بمشاركة من منظمات المجتمع المدني، التي تحصل على تمويل من منظمات دولية لهذه الغاية.

وتستقطب معظم تلك «المشاريع» زبائن كثراً، لا سيما في المناطق الشعبية، لأنها تسوّق إنتاجها بأسعار مناسبة قياساً بالمنتجات ذاتها في المحال الشهيرة، حيث الأسعار مضاعفة.

سلوى جاسم (27 سنة) بدأت مشروعها الصغير قبل ثلاثة أعوام بتشجيع من والدتها، إذ شاركت في ورشة خاصة بالخياطة والتطريز وأتقنت المهنة سريعاً، ثم اتفقت مع مجموعة محال لبيع الملابس لتسويق منتوجها.

تفاخر سلوى وهي تتحدّث عن عملها، وتقول: «منذ شهور أضفت خياطة الشراشف إلى خياطة الملابس، فهي مربحة أكثر وأسعار أقمشتها مناسبة جداً قياساً بالأرباح. كما أن خياطتها سهلة ولا تستغرق وقتاً طويلاً».

وإذا كان ابن نسرين يساعدها في التسويق، فإن سلوى تعتمد على شقيقها الصغير نور الذي لم يتجاوز ربيعه العاشر، في توزيع بضاعتها التي تضعها في أكياس كبيرة مكتوب عليها اسم المحل. فيقوم نور بتوصيلها لقاء عمولة صغيرة، يوم عطلته المدرسية ومساء الاثنين عند عودته من المدرسة.

لكن سلوى تلفت إلى أن «بعض أصحاب المحال يتأخرون في تسديد المبالغ المستحقة عليهم ولا يجيبون على اتصالاتي، فأقصدهم على حين غرة مع شقيقي الصغير لأحصّل المال، حتى أنني قطعت تعاملاتي مع اثنين منهم لهذا السبب».

مشاريع أخرى تديرها نساء تبدو شائعة في العراق، مثل إدارة حسابات لشركات أدوية عربية في الخارج أو إنتاج معجنات وحلوى ومخبوزات أخرى فضلاً عن مشاريع تنسيقية من بُعد.

 

زر الذهاب إلى الأعلى