قصص وتقارير

بغداد تتصدر قائمة الاتجار بالبشر واغلب الضحايا “نساء واطفال”

 تصدّرت العاصمة بغداد حالات الاتجار بالبشر، و شكلت 50% من مجموعها في المحافظات,وأرجع قضاة ازديادها إلى “امتهان” الاتجار من قبل عصابات تستغل الفتيات والاطفال، فيما رجح باحث اجتماعي أن يكون من أسبابها ازدياد ظاهرة الهجرة للعراقيين إلى الخارج واستثمارها من قبل العصابات المتخصصة.

وذكرت إحصائية سنوية يصدرها مجلس القضاء الأعلى أن محاكم العراق سجلت جرائم الاتجار بالبشر في أغلب المحافظات خلال عام 2016 والبالغ عددها ما يقارب 200 جريمة.

وبينت الإحصائية تقدم محافظة بغداد بنسبة 50 % من مجموع عدد الجرائم في العراق، وان عدد الذكور الضحايا في بغداد بلغ 91 ضحية أغلبهم أطفال، يقابله 80 ضحية من الإناث.

بينما سجلت الإحصائية خلو محافظات النجف وكركوك وديالى والأنبار والبصرة والمثنى من أي دعوى، وتأتي محافظة القادسية بالمرتبة الثانية، بينما خلت محافظة بابل من المتاجرين بالبشر الذكور واقتصرت نسبة الضحايا فيها خلال العام الماضي على الإناث فقط.

وبحثا في الأسباب التي تؤدي إلى ارتكاب هذه الجرائم قالت قاضي التحقيق ندى محمد عيسى ان “الجانب الاقتصادي احد الاسباب المهمة لظاهرة الاتجار بالبشر، لان الفقر يدفع البعض الى بيع أطفالهم للتخلص من أعباء الحياة بحسب فهمهم”.

وأضافت عيسى في مقابلة مع “القضاء” أن “ابتعاد الناس عن الواعز الديني باعتباره الموجه للحفاظ على الروابط العائلية قد يكون واحدا من الأسباب التي ادت إلى ازدياد هذه الحالات لاسيما أن الكثير من أدوات التنشئة الاجتماعية انحرفت عن أداء دورها الحقيقي في بناء هيكلية أساسية لوعي الناس”.

وكشفت عيسى أن “هناك الكثير من حالات الاتجار بالبشر مرتبطة ببيع النساء بناتهن عند الولادة وإبدالهن بذكر خوفا من النظرة العائلية تجاه إنجاب الإناث، وهو نوع آخر من أنواع الاتجار بالبشر”، فضلا عن “استغلال الفتيات الصغار جنسيا وبيع أطفالهن خوفا من الفضيحة”.

ولفتت إلى أن “الاتجار بالبشر يحوي عدة انواع الغالب منها المنتشر في العراق هو الاتجار بالأطفال، وهناك اتجار بالنساء لاستخدامهن في بيوت البغاء والملاهي وصالات القمار”.

وذكرت ان “هناك عصابات متخصصة تقوم بالتغرير بالفتيات والسيطرة على عقولهن، وبعد ذلك تقوم تلك العصابات ببيعهن من جماعة الى أخرى”، مبينة أن “القانون يعتبر تلك الفتيات ضحايا تلك العصابات التي تتاجر بهن”.

وعن تصدر بغداد تلك الحالات تابعت عيسى أن “ذلك يرجع الى الزيادة السكانية في العاصمة فضلا عن أن الخليط السكاني في بغداد يجعل من الروابط الاجتماعية اقل منها تماسكاً في باقي المحافظات”.

ونوهت الى ان “المناطق التي تشتهر بها بيوت البغاء والملاهي هي من تتفاقم بها قضايا الاتجار بالبشر بينما تقل في المناطق الشعبية التي تتمتع بروابط اسرية واجتماعية”.

واكملت قاضي تحقيق الرصافة  أن “الإناث يقعن ضحايا الاتجار بالبشر أكثر من الذكور، وهو ما يؤكد الكلام بان زيادتها ترجع الى محاولات استغلالهن في قضايا البغاء والملاهي وحتى الإنجاب”.

من جانبه قال قاضي التحقيق في محكمة استئناف الرصافة على صالح إن “الإحصائية التي صدرت وبرغم الأعداد الكبيرة بدعاوى الاتجار بالبشر، إلا أن الأعداد قليلة أمام دعاوى أخرى خطيرة وهي المتاجرة بالأعضاء البشرية”.

وعد القاضي علي صالح أن “موضوع الاتجار بالبشر مرتبط بقضايا اخرى منها الخطف، والمخدرات والبغاء وغيرها من الجرائم”.

واكد صالح في حديث إلى “القضاء” ان “هناك عصابات تتاجر بالاطفال وهناك عائلات تبيع أطفالها، وثبت الكثير من الحالات بهذا الموضوع أمام المحاكم”، فيما أرجع ذلك “الى الفقر الذي يدفع بعض الأشخاص الى بيع أطفالهم”.

وأضاف ان “المشرع العراقي خصص لهذه الظاهرة قانونا يكافحها ويعاقب مرتكبيها، وصدر القانون رقم 28 لسنة 2012 (قانون مكافحة الاتجار بالبشر)”.

وبين أن “القانون في نصه يهدف إلى مكافحة جريمة الاتجار بالبشر والحد من انتشارها وآثارها ومعاقبة مرتكبي هذا الفعل الخطير الذي يهين الكرامة الإنسانية ويضع الآليات التي تكفل مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر”.

 وتابع  ان ” تصدر بغداد حالات الاتجار بالبشر لا يعني بان تلك المحافظات لا يحدث فيها وإنما حساسية تلك القضايا يجعل الناس يبتعدون عن إثارتها في المحاكم”.

بدوره، رجح الباحث الاجتماعي الدكتور حسين الجابري ان “يكون سبب ازدياد تلك الظاهرة هجرة العراقيين طلبا للجوء او قضايا الهروب من البلد نتيجة لمشكلات اجتماعية او سياسية او اقتصادية”.

وقال الجابري في حديث مع صحيفة “القضاء” ان “هناك مسؤولية تقع على كافة المؤسسات المعينة من خلال ‏معالجة وضع الضحايا الذين ‏وقعت عليهم الجريمة، أي إيجاد ‏وسائل وأسس لحمايتهم وإعادة ‏تأهيلهم بما يحفظ لهم كرامتهم ‏الإنسانية وحقوقهم التي أكد عليها ‏الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لما تتركه ظاهرة الاتجار بالبشر ‏ من نتائج سلبية على ‏المجتمعات وعلى الضحايا”.

م/www.iraqja.iq

زر الذهاب إلى الأعلى