تعليم

تمكين المرأة هو تمكين الإنسانية

مستغرقة في حديث مع صديقة على عبق القهوة العربية في أحد المقاهي في بغداد، تروي آية عبد الكريم – التي تنحدر من مدينة الموصل في محافظة نينوى شمال العراق – قصةَ معاناتها ونجاحها.

فمع تسلّل تنظيم داعش الإرهابي إلى مدينتها، اضطرت آية وأسرتها للنزوح لأشهُرٍ، ما أدى إلى تعطيلٍ كبيرٍ في دراستها. إلا أن طموحها في أن تصبح طبيبةً وشغفها بخدمة المحتاجين قد انتصرا في وجه الشدائد عندما قرّرت الانتقال إلى العاصمة بغداد.

ولم يكن سهلاً على آية التضحية بترك أُسرتها سعياً وراء تحقيق حلمها، لكنّ تحدي الوضع القائم آنذاك من قمع تنظيم داعش وفكره المتطرف كان يستحق المخاطرة والألم. “اضطررت إلى ترك الكثير من الأشياءِ خلفي وكان عليّ العيش في مدينةٍ بعيدةٍ عن والديّ. يُضطرّ المرء لتقديم تنازلاتٍ في الحياة إذا كان يرغب في تحقيق أحلامه،” تقول لي آية بصوتها الناعم. ثم تضيف: “دوركِ في المنزل، في العمل وفي الشارع يعكس من أنتِ حقاً. عليكِ الكفاح من أجل حياة جميلة.”

بالنسبة لآية، فقد حان الوقت لأن تتحلى النساء في العراق بالمزيد من الشجاعة وأن يُدافعن عن حقّهنّ في تحقيق أحلامهن. وهذا هو السبب في أن شعار اليوم الدولي للمرأة لهذا العام يحاكي تطلعاتِها إلى حدٍّ بعيد – إنه يعني الأمل.

وعند الحديث مع مواطنين آخرين، تنتقل الآراء من جيل إلى آخر.

غسق حسن، مهندسةٌ وربّة بيتٍ تبلغ من العمر 43 عاماً، تُجري مقارناتٍ بين الجيل الأكبر سناً والجيل الحالي. تقول غسق: “قدرات المرأة العراقية هي نفسها، لكنّ دورها مختلف الآن”، مضيفةً أن الجيل الجديد لديه الكثير ليتعلّمه من جيل النساء الأكبر سناً. ومع ذلك، ترى غسق دوراً مهماً للنساء في حياة العراق. “أتمنى لو أتيحت لي الفرصةُ لخدمة البلد. هدف نسائنا هو البناء والتعليم وخدمة البلد والجيل القادم.”

وعند سؤالها عمّا كانت لتفعله بشكلٍ مختلفٍ لو أُتيحت لها الفرصة، قالت غسق حسن: “لو كانت الأمور مختلفة عندما كنتُ أصغر سناً، ربما كنت لأترشح لمنصبٍ سياسيٍّ وأتطلع إلى السير على خطى نزيهة الدليمي – أول امرأةٍ وزيرةٍ في العراق.”

ومع كل تقديرهم للماضي، فإن الشباب العراقي اليوم هم من المؤيدين بقوةٍ لحقوق المرأة. ياسر البكري، وهو شابٌّ في أوائل العشرينات من عمره، يقول بصراحةٍ تامةٍ إن “الكلمات لا يمكن أن تصف في الواقع القوة التي أظهرتها النساء العراقيات في مواجهة الصعوبات خلال العقد الماضي، وهنّ يعملن كرجلٍ وامرأةٍ في آنٍ واحد.” وأضاف أن الانفتاح في المجتمع من شأنه أي يساعد النساء في مسعاهن: “لقد تغير الناس، وخاصة الجيل الجديد، فهم أكثر انفتاحاً الآن على الحياة والتكافؤ بين الجنسين. أنا، على سبيل المثال، لطالما كنتُ أشجع زميلاتي على مواصلة حياتهن المهنية في العلوم وفي المجالات المتخصصة مثل الهندسة.”

وتأييداً لما ذهب إليه ياسر، أبدى أبو مصطفى أيضاً، وهو طيارٌ متقاعدٌ يبلغ من العمر 55 عاماً، تقديره للنساء العراقيات قائلاً بفخرٍ: “أنا أحيّي المرأة العراقية. في العقد السابق كانت الأم والأب والمُعيل للأسرة – وخاصة خلال الحرب.”

 

م/https://news.un.org/ar/story/2018/03/1004062

 

زر الذهاب إلى الأعلى