تعليم

في العراق.. جهود لمناهضة التحرش بالصحفيات داخل المؤسسات الإعلامية

منار الزبيدي

تعاني أكثر من نصف الصحفيات في العراق من التحرش الجنسي داخل المؤسسات الاعلامية وفقاً لدراسة بحثية قام بها منتدى الاعلاميات العراقيات على عينة من الصحفيات في مناطق مختلفة. فقد أظهرت نتائجه أنّ 68% من الصحفيات تعرضنَ للتحرش خلال العمل وأنّ النسبة الاغلب منهن لم يقمن بالإبلاغ عن المتحرش، بحسب رئيسة المنتدى نبراس المعموري.

وبحسب صحفيات عراقيات، فإنّ التحرش والمساومة والابتزاز والاغراء من أبرز التحديات التي تواجه الصحفيات في اغلب المؤسسات الاعلامية، اذ ان نسبة لا يستهان بها من الصحفيات يتعرضن لمختلف انواع التحرش ولا يوجد امامهن أي سبيل لمواجهته سوى الصمت والانسحاب من العمل او الرضوخ والاستمرار خوفا من فقدان العمل، بحسب الصحفية وسن فتحي، التي أكدت أنّ التحرش عادةً ما يكون من قبل الزملاء في العمل او أعلى سلطة في المؤسسة الاعلامية.

    إقرأوا أيضًا: إرشادات لإعداد تقارير صحفية حول الإعتداءات والإنتهاكات الجنسية

وتعتقد فتحي ان اغلب ضحايا التحرش من الصحفيات لا يقدمن على الابلاغ بسبب العديد من المعوقات، ابرزها غياب آليات الابلاغ الآمنة والجهل بالقانون، ونظرة المجتمع القاصرة. وتختم حديثها قائلة: “كصحفيات نعتقد أنّ الابلاغ عن المتحرش معركة خاسرة خاصة اذا كان من الشخصيات المعروفة”.

علاوة على تلك الاسباب التي تمنع الصحفيات من الابلاغ عن المتحرش، تبين المعموري وفقاً للاستبيان أن 43% من الصحفيات يمتنعن عن الابلاغ  خوفاً من تشويه السمعة و38% منهن يتخوفن من فقدان العمل اضافة الى ان عددًا كبيرًا منهن لا يثقن بالقانون في ظل غياب اليات تطبيق القانون كما ان التكلفة المالية المطلوبة للمضي بإجراءات الشكاوى معوق اضافي.

التحرش جريمة

يوضح القانوني علي الزبيدي أن التحرش هو كل فعل او لفظ او ايحاء يحمل الطابع الجنسي غير المرغوب به، ويعتبر التحرش في العمل جريمة وفقا لقانون العمل العراقي رقم (37) لسنة 2015. كما توضح ذلك المادة العاشرة من قانون العمل العراقي التي تحظر التحرش الجنسي في الاستخدام والمهنة سواء كان على صعيد البحث عن العمل أو التدريب المهني أو التشغيل أو شروط وظروف العمل.

ويحظر القانون أي سلوك آخر يؤدي إلى إنشاء بيئة عمل ترهيبية، أو معادية، أو مهينة لمن يوجه إليه هذا السلوك، بالإضافة الى النصوص القانونية التي تجرم التحرش في قانون العقوبات العراقي النافذ رقم 111 لسنة 1969.

ويضيف الزبيدي رغم  وجود مواد قانونية لمكافحة التحرش إلا أنه ما زال أحد المعوقات التي تواجه النساء في بيئة العمل وخاصة الصحفيات، إذ تتعرض الكثير منهن إلى مضايقات من قبل المدير أو الزملاء أو العملاء الذين يتم التعامل معهم.

      إقرأوا أيضًا: دراسة عالميّة حول العنف الذي تواجهه الصحفيات عبر الإنترنت

غياب مدونات السلوك

وتفتقر الكثير من المؤسسات الاعلامية الى سياسة واضحة تعرف الموظفين بحقوقهم والإجراءات التي يجب اتباعها عند تعرضهم لمضايقات خلال العمل وفقاً للقوانين العراقية النافذة، كما تقول فريال الكعبي رئيسة منظمة اوان للتوعية وتنمية القدرات. وتكمل الكعبي: “للأسف هناك ضعف حقيقي في تفعيل تلك القوانين والتعليمات داخل المؤسسات الاعلامية ولهذا يصعب رصد عدد حالات التحرش التي تتعرض لها الصحفيات”.

جهود لحل المشكلة

تشير الكعبي الى ان منظمة انترنيوز الدولية بالشراكة مع منظمة اوان شخصت هذه المشكلة التي بدأت تتفاقم وقررت من خلال مشروع “اصواتنا” العمل على ايجاد الحل المناسب للمساهمة بالحد او التخفيف منها.

فقد نفذت المنظمتان خلال الاشهر الاخيرة من العام الحالي 2020عددًا من الطاولات المستديرة، شارك فيها اعلاميون وقانونيزن ورؤساء مؤسسات اعلامية وناشطون وممثلو المفوضية العليا لحقوق الانسان والنقابات المعنية بالإضافة الى منظمات المجتمع المدني من اجل تشجيع النقاش حول المبادئ التوجيهية الأخلاقية لوسائل الإعلام بهدف إيجاد كيفية الإبلاغ عن العنف القائم على اساس النوع الاجتماعي ضد الاعلاميات ومعالجة المضايقات التي يتعرضن لها داخل المؤسسات الاعلامية ومدى تأثير ذلك على عملهن وحياتهن.

كما افتتح منتدى الاعلاميات العراقيات عيادة قانونية لتقديم المساعدة لجميع الصحفيات اللواتي يواجهن العنف بمختلف اشكاله، واطلق المنتدى العديد من حملات المدافعة والمناصرة بالإضافة الى عمل مشترك مع وزارة الداخلية لمكافحة التحرش بشكل خاص.

دليل استرشادي

تلخصت الجهود الدولية والمحلية المشتركة الى اعداد دليل استرشادي يتم العمل عليه من خلال مختصين في انترنيوز ومنظمة اوان، ويتضمن مجموعة من المحاور المهمة ابرزها تعريف التحرش الجنسي ورصد التصرفات التي تعتبر تحرش كما يوضح مسؤولية المؤسسة الاعلامية  تجاه مكافحة التحرش وابرز الآليات المعرفية التي يحتاجها العاملون في المؤسسة حول التحرش وكيفية تعامل المؤسسة الاعلامية مع شكاوى التحرش وآليات الابلاغ والتدابير التأديبية وكيفية الوقاية من التحرش وغير ذلك من المعلومات الاسترشادية المهمة والضرورية.

وبحسب الكعبي فإنّ منظمة اوان ستقوم خلال خطتها للعام الجديد 2021 بتنفيذ عدد من جلسات التوعية حول مضمون الدليل تستهدف من خلاله اصحاب القرار في المؤسسات الاعلامية وعدد من الصحفيين والصحفيات اضافة الى حلقات اذاعية اعلامية تستهدف المجتمع لرفع مستوى الوعي لديه بخطورة التحرش و ضرورة مساندة ضحاياه لتشجيع الابلاغ ومعاقبة المتحرشين.

م/شبكة الصحفيين الدوليين

زر الذهاب إلى الأعلى