لدعمهنَّ

المرأة والإعلام.. ضرورة اظهر المحتوى الإعلامي وليس تسليع الجسد

رسل احمد

تستثمر القنوات التلفزيونية في جسد النساء كما تستثمر في أية سلعة أخرى. ولا يقتصر الأمر على التجميل والمنتجات المتعلقة به، بل حتى طريق الوصول الى الغذاء والشرب يمر عبر جسد النساء على شاشات التلفاز حيث تلجأ الشركات الى استغلال الجسد الانثوي وربط منتجاتها بإيحاءات جنسية بغية تسويق حتى قنينة مياه معبئة. تركز تلك الوسائل على الانوثة وتقدمها كسلعة، وتحصر صورة المرأة في إطار الغواية والايحاء الجنسي بغض النظر عن حجم الاساءة لشخصيتها، والهدف الوحيد هو الحصول على المزيد من الأرباح، واستقطاب الجمهور، وعدد الزيارات والمشاهدة.

ترى الاعلامية ليندا الحسن ان أسوأ ما حدث في الاعلام هو التركيز على الشكل والجسد أكثر من الخبرة والكفاءة، قائلة “هنالك الكثير من الاسماء النسائية اللامعة لم تأخذ مكانتها وحقها في الوسط الإعلامي، لأنهن أردن الحفاظ على القيم الإعلامية والمبادئ التي يستندن اليها في عملهن”. ولفتت إلى ان سبب عدم الاهتمام بالطاقات الإعلامية النسائية “هو تركيز القنوات الفضائية على عرض الجسد بهدف الحصول على نسب مشاهدة عالية بغض النظر عن المهارة وسبل تقديم المحتوى الإعلامي. وتضيف “المهم ان هو حصول نسبة مشاهدة عالية و”ترند” مؤثر”، وتبدي ليندا الحسن أسفها قائلة “أصبحنا كإعلاميات عراقيات نخجل من نظرة المجتمع ولا نقول نحن نعمل في الوسط الإعلامي بسبب هذه الهيمنة الإعلامية على الإعلام”.

وتقول الاعلامية نور مجيد في سياق ذات الموضوع، “نلاحظ في الآونة الاخيرة ظهور العديد من مقدمات البرامج وبهيئات غير مألوفة على شاشة التلفاز لا يمكنها ان تتحدث بجملة مفيدة واحدة، ولا تمتلك المهارة الكافية، لكن يتم قبولها وتقديمها جسديا في القناة وظهورها على الشاشة”. وتشير إلى ان كل ما يهم القناة الفضائية التي تعمل بها جذب أكبر عدد من المشاهدين بغض النظر عن المضمون او المحتوى المقدم”، وتضيف نور “المظهر الخارجي مهم بالتأكيد فالأناقة والشكل المقبول على الشاشة لا أحد ينكر اهميتهما لكن الموضوع تعدى ذلك ليصل الى ملابس غير ملائمة والغنج في التقديم. تالياً، تمارس القنوات استغلال وتسليع الجسد للوصل الى أكبر عدد من المشاهدين مقابل رضوخ وموافقة بعض المقدمات لذلك التسليع كونهن لا يملكن الكفاءة وكل ما يملكنه جسدهن الذي رضين بان يصبح سلعة”.

يمكن القول بأن بروز هذه الظاهرة واستفحالها في اغلب القنوات يمثل خطرا حقيقيا على الاعلام وعلى الاجيال المقبلة ممن يرغبون بدراسة الاعلام فستشكل هذه الظاهرة حالة احباط للبعض وستكون قدوة للبعض الاخر يحذون حذو ما يشاهدون كونه أصبح هو السائد وان القنوات تفضل الشكل لا الكفاءة وهذا بالتأكيد يمثل خطرا على تطور الاعلام العراقي الذي قد يتراجع للوراء بدلا من التقدم. وتشير ميرا أحمد وهي خريجة كلية الإعلام إلى ضرورة عدم سماح استغلال جسد المرأة في الإعلام لكيلا تكون سلعة او اداة بيد المؤسسات الإعلامية. وتقول ميرا بهذا الشأن، “يجب ان تحافظ المرأة على كيانها الخاص وان تظهر بصورة مهنية ولا تسمح بان يقلل من شأنها، لأنها تعتبر مثل للمرآة المفكرة والمنتجة وتمتلك الثقافة والمهارات والكفاءات لتقديم محتوى اعلامي جيد يمكن ان يستفاد منه الجمهور العام”.

كما تدعو ميرا القنوات، المؤسسات والشركات الاعلانية إلى “اختيار اشخاصها بعناية وان تقوم بجذب متلقي ايجابي من خلال اعتمادها على اصحاب المهارات والكفاءات وذوي القيم والمبادئ المهنية العالية. ولا بأس باختيار الشكل الجميل بحسب رأيها، انما الشروط المهنية، فهناك شخصيات اعلامية ذات مستوى عال لم تجد لها مكان مناسب في المؤسسات الاعلامية وذلك بسبب اعتمادها الشكل والمظهر والإيحاءات الجنسية أكثر من الكفاءات والمهارات. وتقول في هذا السياق، “نرى اليوم اشخاص لا يربطهم شيء بالإعلام سوى بأنهم اصحاب شهرة او قد تمتلك جسم مثير او شكل جميل تقدم المحتوى الاعلامي وذلك بهدف الجذب وتحقيق نسب مشاهدة، لذا يجب اختيار العاملات في الوسط الاعلامي ذوات خبرة ومن خريجي كلية الاعلام او لديهم ثقافة عامة كبيرة ومؤهلات تسمح لهم بان يمثلوا فئة النساء في الاعلام واظهارهن بالصورة الحسنة “.

يُبدي سعد عبد الرزاق، الحاصل على الماجستير في الإعلام، استغرابه من جعل المرأة أسلوبا للجذب والاثارة والاغراء وترويج السلع على حساب المحتوي الإعلامي. ويقول بهذا الخصوص، “لقد اصبحت الصورة الذهنية والنمطية التي رسمتها وسائل الاعلام للمرأة لا سيما في الاعلانات عبارة عن سلعة او بضاعة للبيع أو للترويج”. ويشير الى ان الصورة النمطية للمرأة في وسائل الاعلام تغير صورة المرأة صانعة الفكر والابداع الى مجرد آلة للعرض والجذب والاثارة، حالها كحال اية سلعة او خدمة يراد ترويجها وبيعها. ويستدعي هذا الحال برأيه تسخير كل الإمكانيات بغية تغيير الصورة النمطية المُزيفة التي يروج لها واصبحت وللأسف واقعا يحتكم اليها.

بالنسبة للإعلامي أمير على، ستؤثر سياسات تسليع جسد المرأة سلباً على المحتوي الإعلامي، ناهيك بأنها تخلق بيئة عمل إعلامية لا تتوافق شروطها مع تلك التي تستوجبها أية سياسة إعلامية. ويتم كل ذلك بحسب رأيه على الكفاءات الإعلامية وأهداف الإعلام ورسالته. ولا يخلو هذا الأمر من اثارة الجدل بسبب تسليع جسد المرأة في الإعلام والاعلانات التي تسعى لإظهار صورة نمطية ملتصقة بالإثارة.

بروز هذه الظاهرة واستفحالها في اغلب القنوات يمثل خطرا حقيقيا على الاعلام وعلى الاجيال المقبلة ممن يرغبون بدراسة الاعلام فستشكل هذه الظاهرة حالة احباط للبعض وستكون قدوة للبعض الاخر يحذون حذو ما يشاهدون كونه اصبح هو السائد وان القنوات تفضل الشكل لا الكفاءة وهذا بالتأكيد يمثل خطرا على تطور الاعلام العراقي الذي قد يتراجع للوراء بدلا من التقدم

تزيين الشاشة

ترى زينب حسين، الحاصلة على الماجستير في اعلام، أن “المرأة جزء مهم من المجتمع، اذ لا تستغني اي شريحة من شرائح المجتمع عنها، فهي الأم والمربية والطالبة والطبيبة والعاملة في جميع الميادين الأخرى، ولا يقل دورها اتقانا وحرصا نظيرها عن دور الرجل في تأدية الأعمال. وتقول زينب، “ان استخدام صورة المرأة للتزيين في القنوات الفضائية، خاصة في الآونة الاخيرة في الاعلانات التجارية، لا ينسجم مع ما يمكن ان تقدمه المرأة من محتوى إعلامي رصين لخدمة الرأي العام. أما تبارك علي، بكالوريوس في الآداب، فترى بأن لجوء بعض القنوات الفضائية الى الاستثمار في جسد المرآة لجلب المشاهدين او التسويق القيم والمبادئ التي يقوم عليها العمل الإعلامي.

وتؤكد تبارك “ضرورة اظهار المرآة في الاعلام بصورة حسناء لائقة وتوظيف صورتها في مكانها الصحيح لكي ينظر اليها كانسان وليس كأداة، ناهيك بصيانة حقوقها والتخلص من مضمون الاعلانات التي تسيء لها.

انتاج:انترنيوز

زر الذهاب إلى الأعلى